هل تساءلت يومًا كيف ساهم علماء الحضارة الإسلامية في تطوير علم الفلك؟ وكيف كانت ملاحظاتهم واكتشافاتهم تُمهّد الطريق لاكتشافات العلماء الأوروبيين فيما بعد؟
المقدمة
قمت بعمل بحث عن علم الفلك، لان حمل العلماء المسلمون مشعل الحضارة لمدة تزيد على الخمسمائة عام، وأوروبا تغط في ظلمات العصور الوسطى ولو كانت جائزة نوبل على أيامهم لحصل عليها الواحد منهم عشرات المرات، وقد قام علم الفلك الإسلامي أو علم الفلك العربي إلى الإسهامات الفلكية التي تمت في العالم الإسلامي وخصوصا في العصر الإسلامي الذهبي (القرون 8-15)، والتي كتبت غالبا باللغة العربية.
وقد وقعت أغلب هذه الإسهامات في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والأندلس وشمال أفريقيا وبعض الأحيان في الشرق الأقصى والهند، وقد نشأ علم الفلك مثله مثل العلوم الإسلامية الأخرى عن طريق استيعاب المواد الأجنبية ودمج العناصر المتباينة لتلك المواد لإيجاد علم يتلاءم وخصائص الإسلام، ولذلك قمت بعمل بحث عن علم الفلك، حيث فتحت ملف شامل عن دور علماء العرب المسلمين في الفلك.
تعريف علم الفلك
علم الفلك هو الدراسة العلمية للأجرام السماوية (مثل النجوم، والكواكب، والمذنبات، والمجرات) والظواهر التي تحدث خارج نطاق الغلاف الجوي (مثل إشعاع الخلفية الميكروني الكوني)، وهو يهتم بالأجسام السماوية من حيث التطور، الفيزياء، والكيمياء، وعلم الأرصاد الجوية، والحركة، بالإضافة إلى تكون وتطور الكون، ويعد علم الفلك أحد العلوم القديمة.
إقرأ أيضا:موقع تويتر | كل ما تريد معرفته عن نشأة الموقع ومميزاته واستخداماتهأهمية علم الفلك
- الاهتمام الفطري لعرب الجاهلية: اعتمد سكان الصحراء على النجوم للاستدلال على الطرق، والشعر الجاهلي يحوي إشارات واضحة لتبحر العرب في علم الفلك.
- النهضة الفلكية مع قيام الدولة الإسلامية: أقبل المسلمون على علم الفلك بشكل واسع بعد تثبيت أركان الدولة الإسلامية، وقد بدأت المرحلة الأولى بترجمة علوم الفلك من الحضارات الأخرى مثل الإغريق، الفرس، الهند، والصين، ومن أبرز الكتب المترجمة: (كتاب السند هند (عن الهندية) -كتاب المجسطي لبطليموس (عن الإغريقية).
- مرحلة الإبداع والإنتاج العلمي: ظهر عدد كبير من العلماء المسلمين الذين أبدعوا في علم الفلك، ومن أبرزهم: الكندي، الفارابي، البتاني، المجريطي، البيروني، ابن الهيثم، ابن باجة، ابن يونس، ابن رشد، القزويني، عباس بن فرناس، عبد الرحمن الصوفي.
- انتشار الفلك كثقافة وهواية: أصبح علم الفلك شائعًا بين الأسر المتعلمة كهواية يومية، وامتلكت الأسر مكتبات فلكية خاصة، وكان الناس يراقبون السماء والأفلاك، خاصة في المناسبات الدينية مثل بداية رمضان والأعياد، وبعض الأسر اتخذت كُنى فلكية مثل: “الإسطرلاب” و”الراصد” و”الفلكي”.
- اندماج الفلك في علوم ومجالات متعددة: كتب في علم الفلك: (الأطباء مثل: الرازي، وابن سينا) -(الفلاسفة مثل: ابن رشد، والبيروني) -(الفقهاء، والأدباء، والشعراء مثل: عمر الخيام).
- اهتمام الخلفاء بعلم الفلك: الخليفة المأمون كان من أوائل من قاس محيط الكرة الأرضية سنة 830م، وبعض الخلفاء شيدوا مراصد فلكية خاصة داخل قصورهم.
تعرف على من ساهموا في تطوير الطب
علم الفلك في الحضارة الإسلامية
- تطور علم الفلك من التنجيم إلى العلم التجريبي: لم يقتصر اهتمام علماء المسلمين في الفلك على المشاهدات والنظريات، بل انتقلوا إلى التجارب العملية، والقياس، والرصد الدقيق، واستطاعوا تحديد: (حركة الشمس والقمر، ميل مدار البروج، طول السنة الشمسية، أوج الشمس)، وارتقى علم الفلك على يد المسلمين ليصبح علمًا حقيقيًا يُعرف اليوم بـ Astronomy وليس Astrology (التنجيم).
- المراصد الفلكية كمعامل بحثية: أمر الخليفة المأمون ببناء: (مرصد في شمال بغداد، مرصد آخر على جبل قاسيون في دمشق)، وشكّلت هذه المراصد معامل بحث علمي أتاحت: (دراسات ومشاهدات دقيقة، عمليات رصد منتظمة)، وترافقت جهود الرصد مع محاولات لتطوير أدوات الرصد القديمة، سواء من التراث المصري أو اليوناني.
- ابتكارات المسلمين في أدوات الرصد: طور المسلمون آلات جديدة، من أبرزها: (الأسترولاب: لرصد النجوم والكواكب، الإبرة المغناطيسية: أول بوصلة بحرية استخدمها الإنسان)، وقد أخذها العرب من الصين، وقاموا بتقسيمها إلى درجات، واستخدموها في الملاحة، واستمر استخدامها حتى رحلات فاسكو دي جاما وماجلان في بدايات العصر الحديث.
- الأسترولاب: النشأة والتطور الإسلامي: الكلمة أصلها يوناني: Astrolabon (نجم + كاشف أو مرآة)، وتطور من أداة بدائية في عهد اليونانيين إلى آلة دقيقة في العهد الإسلامي، ومن أبرز المساهمين في تطويره: (أبو إسحاق إبراهيم الفزاري (توفي 777م)، بلغ عدد أنواع الأسترولاب التي ابتكرها المسلمون أكثر من 25 نوعًا.
- أدوات رصد فلكية أخرى من ابتكار المسلمين: (ذات الأوتار-ذات الحلقة-الحلقة الاعتدالية-ذات السمت والارتفاع-ذات الشعبتين-الربع المسطري-ذات الجيب)، جميعها أدوات لرصد مواقع وحركة الأجرام السماوية بدقة كبيرة.
- الفلك والرياضيات والهندسة: ارتبط علم الفلك ارتباطًا وثيقًا بـ: (الرياضيات-الهندسة)، استخدم المسلمون المعارف الهندسية لتدقيق المشاهدات السابقة، وصاغوا نتائجهم في جداول فلكية مبنية على قوانين رياضية.
- علم الأزياج (الجداول الفلكية): الجدول الفلكي يسمى زيج، والعلم الخاص به يُعرف بـ علم الأزياج، ويُنسب كل زيج إلى مبتكره، ومن أبرز العلماء في هذا المجال: (حبشي الحاسب (829م): صاغ جداول فلكية، وفسّر ظاهرة كسوف الشمس بدقة)، (العباس بن سعيد الجوهري: قام برصد دقيق في مرصدي بغداد (829-830م) ودمشق (832-833م)، (علي بن عيسى الإسترولابي: صانع آلات رصد، وصاغ أنواع جديدة من الأسترولاب)، (أبو العباس الفضل بن حاتم الفيريزي (892–912م): كتب جداول فلكية، وألّف رسالة عن الأسترولاب الدائري).
- جداول طليطلة وأثرها العالمي: الزركاني (1087م) صاغ جداول طليطلة لتحديد مواقع الكواكب بدقة كبيرة، واخترع أسترولابًا متطورًا ساعده في مشاهداته، وظل هذا الأسترولاب يُستخدم لعدة قرون، وساعد في تحديد خطوط الطول، واستفاد من تراثه علماء أوروبيون، مثل: كوبرنيكاس في القرن السادس عشر، واستند إلى أعمال الزركاني والبتروجي (1204م) المعروف باللاتينية باسم Alpetragius.
- تأثير الفلك الإسلامي على النهضة الأوروبية: تمت ترجمة التراث الفلكي الإسلامي إلى اللاتينية، واستخدمه العلماء الأوروبيون كأساس لأبحاثهم، وساعدت مخطوطات البتروجي على تشكيل نظريات كوبرنيكاس حول حركة الكواكب.
دور علماء العرب المسلمين في الفلك
- مرحلة الترجمة وجمع المعارف السابقة: بعد أن ثبتت أركان الدولة الإسلامية، بدأ العلماء المسلمون في الاهتمام بعلم الفلك، حيث قاموا بجمع وترجمة المؤلفات الفلكية من حضارات متعددة، شملت: (اليونانيين، الفرس، الهنود، الصينيين، الكلدانيين، السريان).
- كان من أوائل الكتب التي تُرجمت إلى العربية: كتاب “مفاتيح النجوم” المنسوب إلى هرمس الحكيم، وقد تُرجم من اليونانية إلى العربية في أواخر العصر الأموي، ويُعد كتاب “المجسطي” لبطليموس، المترجم من اليونانية إلى العربية في العصر العباسي، من أهم المراجع العلمية التي اعتمد عليها المسلمون في دراساتهم الفلكية.
- الحفاظ على التراث العلمي وتصحيحه: لم يكتفِ العلماء العرب بجمع العلم الفلكي السابق، بل قاموا: (بحفظ ما سبقت به الأمم الأخرى، وبتصحيح الأخطاء والمغالطات التي وردت في كتب الفلك القديمة)، وهذا يُعد من أبرز إنجازات الحضارة العربية الإسلامية في هذا المجال، حيث حافظت على التراث الإنساني وقدّمته للعالم بشكل أكثر دقة.
- التمييز بين علم الفلك والتنجيم: كان من أهم إسهامات العلماء المسلمين أنهم: (فرّقوا بين علم الفلك (Astronomy)، الذي يعتمد على الرصد والتحليل والمنهج العلمي، وبين علم التنجيم (Astrology)، الذي يقوم على الظن والتخمين وربطه بالأحداث البشرية)، وقالوا إن: (علم الفلك يقينٌ واستدلال علمي، وبينما التنجيم تخمينٌ لا يستند إلى دليل)، وقد كان التنجيم شائعًا قبل الإسلام وتداخل مع الفلك، لكن العلماء المسلمون أعادوا الفلك إلى مساره الصحيح كعلم مستقل بعيدًا عن الخرافات والدجل.
- مرحلة الإبداع والابتكار: بعد الانتهاء من مرحلة الترجمة والتنقيح، انتقل العلماء إلى: مرحلة الابتكار والإبداع حيث قاموا بإنشاء مراصد فلكية خاصة بهم، وكانوا يرصدون من خلالها حركة الكواكب والنجوم بدقة علمية كبيرة، ولقد سجلوا هذه المشاهدات في مؤلفات أصبحت فيما بعد مراجع لعلماء أوروبا والغرب في عصر النهضة.
- تأثير العلماء المسلمين في النهضة الأوروبية: اعتمد علماء أوروبا بشكل كبير في بحوثهم خلال عصر النهضة على: النتائج الفلكية الدقيقة التي توصلت إليها المراصد العربية والإسلامية، وكثير من هذه المشاهدات والتفسيرات كانت قريبة جدًا من الاكتشافات العلمية الحديثة، وهو ما يدل على الريادة الحقيقية للعلماء المسلمين في هذا الميدان.
أشهر علماء الفلك في الحضارة الإسلامية
1.أبو الريحان البيروني (ت 440هـ/ 1048م)
التعريف به:
- هو محمد بن أحمد، يُكنّى بأبي الريحان، ويُنسب إلى بيرون، وهي بلدة في السند.
- عالم موسوعي من خوارزم، اهتم بالعلوم الحكمية (الرياضية والفلكية والطبيعية).
- تميز بمنهجه العلمي القائم على الملاحظة الدقيقة والتجربة.
- أتقن لغات عديدة: العربية، الفارسية، السنسكريتية، اليونانية، والسريانية، مما مكنه من الاطلاع على المراجع الأصلية دون الاعتماد على الترجمات.
- كان محبًا للغة العربية، فكتب بها معظم مؤلفاته، ونافح عنها ضد كل تيار أعجمي أو فارسي.
- لُقب بـ”الأستاذ”، وكانت له مكانة رفيعة لدى ملوك عصره.
أهم مؤلفات البيروني الفلكية:
- كتاب القانون المسعودي: في الهيئة والنجوم والجغرافيا، وألّفه للسلطان مسعود بن محمود بن سبكتكين، ويتكوّن من 11 مقالة تحتوي على 142 بابًا تغطي كل النظريات والأرصاد الفلكية المعروفة آنذاك.
- بحث في حركة أوج الشمس: رأي بطليموس القائل بثبات أوج الشمس في الفضاء، وقد أثبت البيروني وحلل أقوال بطليموس وأرصاد من جاء بعده، باستخدام أرصاده الرياضية، أن الأوج الشمس متحرك.
- كتب فلكية أخرى: تمهيد المستقر لتحقيق معنى الممر، وتحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن، ورسالة في تصوير الكواكب والبلدان في أي دائرة أردنا، واستيعاب الوجوه الممكنة في صنعة الإسطرلاب، والآثار الباقية من القرون الخالية.
إسهامات البيروني في علم الفلك:
- كان يتحقق بنفسه من كل مسألة فلكية يشك بها أو فيها تضارب، بإعادة الأرصاد أو الحسابات.
- في قياس محيط الأرض، قام بتجربة شخصية رائدة:
- استخدم جبلًا مرتفعًا في الهند يشرف على صحراء مستوية.
- قاس زاوية انخفاض الأفق واستخرج ارتفاع الجبل.
- توصل إلى نتيجة قريبة جدًا من قياسات علماء المسلمين في عهد المأمون.
- أبدى تواضعًا علميًا ولم يدّع الفضل لنفسه، بل اعترف بمن سبقوه.
2.ابن الهيثم (432هـ/ 1041م)
التعريف به:
- هو الحسن بن الحسن بن الهيثم.
- عالم موسوعي مسلم في الرياضيات، الفلك، والفيزياء.
- يُعتبر من مؤسسي المنهج العلمي التجريبي الحديث.
أهم مؤلفات ابن الهيثم الفلكية:
- مقالة في هيئة العالم: يعد المؤلف الفلكي الأهم لابن الهيثم، وترك أثرًا كبيرًا في تطور علم الهيئة العربي والغربي.
- مقالة في ضوء القمر: أول دراسة فيزيائية فلكية للقمر، واعتُبر من خلالها رائد البحث الطبيعي العلمي.
- مقالة في علم الهيئة
- مقالة في كيفية الرصد
- جواب عن سؤال السائل عن المجرة: هل هي في الهواء أو في جسم السماء؟
- مقالة في حل شكوك حركة الالتفات.
- مقالة في صورة الكسوف.
- مقالة في حركة القمر.
- مقالة في سمت القبلة.
إسهامات ابن الهيثم في علم الفلك:
- اختراع أول كاميرا في التاريخ، وسماها “الخزانة المظلمة ذات الثقب” وهي عبارة عن صندوق مطلي من الداخل باللون الأسود، وبه ثقب من ناحية، ولوح خارجي مصنفر من الناحية الأخرى.
- استعمل علماء الفلك المسلمون الكاميرا في مراصدهم حيث تظهر على اللوح الزجاجي صور صافية للنجوم والكواكب، مما ساعد على معرفة نسبها وأحجامها وفى اكتشاف نجوم جديدة لا تزال تحمل الأسماء العربية حتى اليوم.
3.البتاني: (235–317 / 850–929)
التعريف به:
- هو أبو عبد الله محمد بن جابر بن سنان البتاني.
- رياضي وفلكي شهير، يُلقب بـ “بطليموس العرب”.
- اشتهر في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي.
- وُلد في بتان قرب حرّان على نهر البلخ أحد روافد نهر الفرات.
أهم مؤلفات البتاني الفلكية:
- رسالة في عمليات التنجيم الدقيقة.
- كتاب عن دائرة البروج والقبة الشمسية.
- مختصر لكتب بطليموس الفلكية.
- شرح المقالات الأربع لبطليموس.
- رسالة في مقدار الاتصالات الفلكية.
- رسالة في تحقيق أقدار الاتصالات.
- كتاب في معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك.
- كتاب تعديل الكواكب.
- كتاب في علم الفلك.
- مخطوطة عن علم الزودياك.
- جداول فلكية دقيقة.
- عمليات حسابية وقوانين عددية.
إسهامات البتاني في علم الفلك:
- درس سر عظمة الله والعلاقة القائمة بين السماوات والأرض، وسخر علمه لمعرفة الله تبارك وتعالى، فتنقل بين الرقة على نهر الفرات وأنطاكية من بلاد الشام.
- أنشأ مرصدًا عرف باسمه، وكان يلقب بالرقي، نسبة إلى الرقة التي أقام فيها وعمل عدة أرصاد هناك، وقد استخدم آلات كبيرة جدا لم يسبق استخدامها من قبل، وذلك لتقليل الخطأ المحتمل.
- قام بحساب مواعيد كسوف الشمس وخسوف القمر بقدر كبير من الدقة، وحقق مواقع كثير من النجوم.
- صحح بعض حركات القمر والكواكب السيارة، وصحح بطليموس في إثبات الأوج الطولي للشمس فجاءت تزيد بمقدار 16 درجة و47 دقيقة عن التقديرات المعترف بها في عصرنا الحاضر.
- كان أول من توصل إلى تصحيح طول السنة الشمسية، وقدرها بـ 365 يوما و5 ساعات و46 دقيقة، 32 ثانية، بينما القيمة الحقيقية التي توصل إليها العلماء المعاصرون بواسطة التلسكوب هي 365 يوما و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية، أي بفارق دقيقتين و14 ثانية.
- قام بتعيين ميل البروج عن فلك معدل النهار (أي ميل محور الأرض في دورانها حول نفسها بالنسبة لدورانها حول الشمس والذي يسمى حاليا بالانحراف)، وتوصل إلى أن معادلة الزمن تتغير تغيرا بطيئا على مر الأجيال.
- أثبت على عكس ما ذهب إليه بطليموس تغير القطر الزاوي الظاهري للشمس، واحتمال حدوث الكسوف الحلقي، واستنبط نظرية جديدة كشف فيها عن شيء كثير من الحذق وسعة الحيلة لبيان الأحوال التي يرى بها القمر عند ولادته، كما صحح عمل بطليموس في تقدير الاعتدالين الصيفي والشتائي.
- أول من سخر حساب المثلثات لخدمة الفلك، فكان أسبق العلماء إلى إيلاء المثلثات الكروية عناية تامة، وركز في عمله على المثلث الكروي وخواصه.
- استخدم جيب الزاوية الذي استنتجه من فكرة الأوتار التي كانت مستعملة عند اليونانيين.
- ابتكر مفاهيم جيب التمام، والظل، وظل التمام، وألف جداول دقيقة لظل التمام للزوايا من الصفر إلى 90 درجة بمنتهى الدقة.
4-الصوفي الرازي (376هـ/ 986م)
التعريف به:
- هو عبد الرحمن بن عمر بن محمد ابن سهل الصوفي الرازي.
- يُعد ثالث ثلاثة كتبوا في الكواكب الثابتة في العالم الإسلامي.
- مكانته العلمية بين بطليموس وأرغلندر في علم النجوم.
أهم مؤلفات الرازي الفلكية:
- كتاب الكواكب الثابتة: بنى محتواه على كتاب بطليموس “المجسطي”، يُعد من أشهر كتب الفلك عند المسلمين، وتميز برسومه الملوّنة للأبراج والصور السماوية، واستخدم الرموز البشرية والحيوانية في تمثيل الأبراج، ودوّن الأسماء العربية للكواكب والنجوم، لا تزال مستخدمة حتى اليوم مثل: (الدب الأكبر-الدب الأصغر-الحوت-العقرب)
إسهاماته في علم الفلك:
- قام بـ رصد النجوم واحدة تلو الأخرى.
- حدد أماكنها وأقدارها بدقة كبيرة.
- نال اعتراف العلماء بدقة وصفه للنجوم وأبعادها.
- ووضح بالرسوم الملونة للأبراج والأجسام السماوية على شكل أناس وحيوانات.
5-الطوسي (1201)
التعريف به:
- هو أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي.
- المعروف باسم نصير الدين الطوسي.
- ولد عام 1201 م.
- كان مسؤولا عن مرصد مراغة الذي إنشاه هولاكو خان وفيه اعد الجداول الالخانية وعمل بيانا مصورا للنجوم الثابتة.
اهم مؤلفات الطوسي في علم الفلك
- كتابه الزيج الأخليني: وأستغرق في ذلك 12 سنة، والذي تحدث فيه جدول فلكي لحساب مواقع الكواكب وأسماء النجوم وقد أستخدم بشكل واسع حتى اكتشاف نظام مركزية الشمس لنيكولاس كوبرنيكوس.
- كتابه التذكرة: من الكتب المرجعية التي تتناول وصفًا دقيقًا لحركة الأجرام السماوية.
إسهامات الطوسي في علم الفلك
- تمكن من خلال ملاحظاته في مرصد مراغة والذي كان أفضل المراصد في ذاك الوقت، أن يضع الجدول الأدق لحركة الكواكب في ذاك الوقت.
- عمل على تحديد معدل الانحراف السنوي لمحور الأرض وهي 51 درجة\سنة، وهي قريبة من الدرجة المكتشفة حديثا وهي 50.2 ثانية/سنة.
- وضع وصفا دقيقا لمجرة درب التبانة حيث قال في كتابه التذكرة إن درب التبانة مخلوقة من عدد هائل النجوم الصغيرة المتقاربة، ولشدة صغرها وتركيزها تبدو كرقع غيميه لذلك تكون قريبة من لون الحليب، وهذا ما تم اكتشافه بعد ثلاث قرون عندما استعمل جاليليو التلسكوب ليكتشف بان المجرة مكونة من عدد هائل من النجوم الخافتة.
6.عبد الرحمن الصوفي
التعريف به:
- عبد الرحمن الصوفي.
- عاش في القرن العاشر.
- كان واحدا من الفلكين الراصدين في العصور الوسطى.
اهم مؤلفات الصوفي في علم الفلك:
- وضع فهرسا للنجوم لتصحيح أخطاء من سبقوه.
- رسم خريطة للسماء حسب فيها مواضع النجوم وأحجامها ودرجة لمعان كل منها.
- كتاب صور الكواكب الثمانية والأربعين، حيث تحدث فيه عن وضع حدود بدقة لكل كوكبة وللنجوم التي تقع في الصورة المتخيلة لها والتي خارجها، ووصف فيه مواقع كل النجوم وأقدارها (حيث كان القدماء يصنفون النجوم ضمن ستة أقدار، وكانوا يضطرون إلى تقدير لمعانها لعدم توفر أدوات دقيقة لقياسه) من رصده.
إسهامات الصوفي في علم الفلك:
- قدم إسهامات مهمة تتجلى منها رصد النجوم، وحدد موقعها وأبعادها عرضا وطولا في السماء، ولاحظ نجوما لم يسبقه إليها أحد من قبل.
- وقد اعترف الأوربيون بدقة ملاحظاته الفلكية حيث يصفه ألدومييلي بأنه “من أعظم الفلكيين الفرس الذين ندين لهم بسلسلة دقيقة من الملاحظات المباشرة، ثم يتابع قائلاً: ولم يقتصر هذا الفلكي العظيم على تعيين كثير من الكواكب التي لا توجد عند بطليموس، بل صحح أيضاً كثيراً من الملاحظات التي أخطأ فيها، ومكن بذلك الفلكيين المحدثين من التعرف على الكواكب التي حدد لها الفلكي اليوناني مراكز غير دقيقة.
- أول فلكي يرصد ويلاحظ تغير ألوان الكواكب وأقدارها (وحدة لقياس السطوع).
- أول من رسم الحركة الصحيحة تماماً للكواكب.
- أول من لاحظ وجود مجرة أندروميدا، ووصفها بـ “لطخة سحابية”.
- أول من لاحظ وجود سحابتي ماجلان الكبرى والصغرى.
- صحح الكثير من الأخطاء في وصف بطليموس لمواضع النجوم.
7-الخوارزمي (440هـ/ 1048م)
التعريف به:
- أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني الخوارزمي.
- كان يجيد إضافة للغة العربية الفارسية واليونانية والسنسكريتية والسريانية، لذلك فقد اطلع على المراجع الفلكية من مصادرها وليس من ترجماتها.
اهم مؤلفات الخوارزمي في علم الفلك:
- كتاب القانون المسعودي: تعود أهمية هذا الكتاب للجهد الذي بذله مؤلفه في ذكر ما توصل إليه علماء الفلك في الحضارات السابقة والمعاصرين له، إذ لم يكتف بما قرأه عنهم، بل كان يتحقق من ذلك، سواء بقيامه بإعادة الحسابات بنفسه، أو بالرصد من جديد ولأكثر من مرة.
إسهامات الخوارزمي في علم الفلك:
- أول من استحدث المنهج التجريبي في علم الفلك، حيث أعاد أبحاثا تجريبية متعلقة بظواهر فلكية.
- اكتشف أن مجرة درب التبانة هي عبارة عن مجموعة نجوم سديمية.
- اكتشف أن التجاذب يحدث بين الأجرام والفلكات السماوية منتقدا بذلك أرسطو الذي يعتبر أن تلك الأجرام لا تملك خفة أو جاذبية.
أهم فروع علم الفلك الحديث
- قياس مواقع النجوم.
- الميكانيكا السماوية.
- الفيزياء الفلكية.
- فيزياء الكون.
أشهر المراصد الفلكية العربية والإسلامية
- مرصد جبل قاسيون في دمشق، الذي أمر بإنشائه الخليفة المأمون.
- مرصد باب الشماسية في أعلى ضاحية من بغداد، أيضا أنشئ في عهد الخليفة المأمون.
- مرصد ابن الشاطر في الشام.
- مرصد الدينوري في أصفهان.
- مرصد أولغ بك في سمرقند.
- المرصد الذي أقامه أبناء موسى بن شاكر في بغداد، وفيه استخرجوا حساب العرض الأكبر.
- مرصد نصير الدين الطوسي في مراغة في بلاد فارس، الذي يعد من أشهر المراصد وأكبرها، فقد اشتهر بدقة آلاته وتفوق المشتغلين فيه على غيرهم.
إسهامات علماء المسلمين في علم الفيزياء
أسماء النجوم وكواكب عند العرب
- العنقاء: Anka
- بيت الجوزاء: Bet – Elgeuse
- الدبران: Aldebran
- المقنطرة: الموكانتار
- السموث: السمت
- الطائر: Altair
- فم الحوت: Familheut
- الذنب: Deneb
الخاتمة
لقد شكّل علماء الفلك في الحضارة الإسلامية جسرًا هامًا بين علوم الماضي وعلوم المستقبل. بفضل دقة ملاحظاتهم وابتكاراتهم، تم تصحيح مفاهيم قديمة واكتشاف ظواهر جديدة، مما أتاح لأجيال لاحقة أن تبني على هذه الأسس لتصل إلى فهم أعمق للكون. إن دراسة إنجازات هؤلاء العلماء تعزز تقديرنا للإرث العلمي الإسلامي وتذكّرنا بأهمية البحث العلمي الدؤوب في كشف أسرار الكون.
المراجع
- الدفاع، على بن عبد الله، (1993) رواد علم الفلك في الحضارة العربية والإسلامية، مكتبة التوبة، الرياض
- عماد مجاهد، تاريخ علم الفلك من عصر الأهرامات إلى عصر الفضاء، المؤسسة العربية للدراسات والنشر والتوزيع.
- السنيور كرلونلينو (1993) علم الفلك تاريخه عند العرب في القرون الوسطى، الطبعة الثانية، أوراق شرقية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت.
- طوقان، حافظ (1941) تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك، الطبعة الأولى، هدية المقتطف السنوية.