كيف أثرت جائحة كورونا على الصحة النفسية والاجتماعية في العالم العربي؟ وما هي أبرز الدراسات التي تكشف عن هذه التأثيرات؟ في هذا المقال، نستعرض نتائج دراسات سابقة تسلط الضوء على التحديات النفسية والاجتماعية التي واجهها المجتمع العربي أثناء الجائحة.
المقدمة
شهد العالم منذ أواخر عام 2019 انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، والتي أثرت بشكل عميق على مختلف جوانب الحياة. فقد فرضت الجائحة تحديات صحية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، مما دفع الباحثين في العالم العربي إلى دراسة آثارها النفسية والاجتماعية على الأفراد والمجتمعات.
تتناول هذه المقالة مجموعة من الدراسات العربية التي بحثت في التأثيرات النفسية والاجتماعية لجائحة كورونا، مسلطةً الضوء على المشكلات النفسية مثل القلق والاكتئاب، والتغيرات الاجتماعية التي طرأت على العلاقات الأسرية والمجتمعية. تهدف المقالة إلى تقديم نظرة شاملة حول كيفية تعامل المجتمعات العربية مع هذه الأزمة من منظور نفسي واجتماعي.
أهمية الدراسات العلمية حول جائحة كورونا
تكمن أهمية الدراسات العلمية حول جائحة كورونا في توفير فهم معمق للتداعيات التي خلفها الفيروس على الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية في المجتمعات المختلفة.
تساعد هذه الأبحاث على:
- تشخيص المشكلات النفسية والاجتماعية التي تفاقمت بفعل الجائحة، مثل القلق، الاكتئاب، العزلة، والعنف الأسري.
- تقديم حلول واستراتيجيات مبنية على أسس علمية لدعم الأفراد والمجتمعات في مواجهة الأزمات المستقبلية.
- رسم سياسات صحية واجتماعية أفضل للتعامل مع الكوارث العالمية، مع تعزيز قدرة الأنظمة الصحية والاجتماعية على الاستجابة السريعة والفعالة.
- تقييم أثر الإجراءات الوقائية مثل الحجر الصحي والإغلاق العام على الأفراد والمجتمع، مما يوفر معطيات مهمة لصناع القرار مستقبلاً.
لهذا السبب، تسلط الدراسات العربية التي نستعرضها الضوء على أهم التحولات النفسية والاجتماعية التي طرأت في المجتمع العربي خلال هذه الأزمة العالمية.
إقرأ أيضا:دراسات سابقة عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي لدى الطلاب , 8 دراسات عربية وأجنبيةدراسة أمال إبراهيم الفقي ومحمد كمال أبو الفتوح (2020)
عنوان الدراسة: ” المشكلات النفسية المترتبة على جائحة فيروس كورونا المستجد”
هدفت الدراسة إلى:
- الكشف عن المشكلات النفسية التي توجد لدى الطلاب في الجامعة والتي من أبرزها مشكلة الاكتئاب ومشكلة اضطرابات النوم، ومشكلة الوحدة بالإضافة إلى مشكلة الوسواس القهري.
- الكشف عن حقيقة الفروق التي توجد في هذه المشكلات النفسية التي يقاسي منها الطلاب في مرجلة الجامعة وذلك تبعاً لعدد من المتغيرات والتي تتمثل في العمر والنوع والبيئة،
المنهج المستخدم:
- استخدما الباحثان المنهج الوصفي التحليلي.
عينة الدراسة:
- تكونت عينة الدراسة منن 746 طالب وطالبة من الجامعات التي توجد في مصر.
نتائج الدراسة:
- أن الطلاب والطالبات في الجامعات يعانون من أكثر من اضطراب نفسي وذلك نتيجة مشكلة فيروس كورونا، ومن أكثر الاضطرابات التي يعانون منها هي الوحدة النفسية والاكتئاب وبعض المخاوف الاجتماعية بالإضافة إلى شعورهم بالضجر وعدم النوم بشكل طبيعي.
- أن الطالبات أكثر تأثُر من الطلاب في معانتهم من هذه المشكلات النفسية.
- أنه الطلاب الأكثر في العمر هم من يعانون أكثر من الاضطرابات النفسية وقد أتضح ذلك في سن الطلاب الذين يعانون من الكثير من الاضطرابات النفسية، فقد تراوحت أعمارهم ما بين 20-21 عام، بينما الطلاب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18-19 عام يعانون بشكل طفيف من هذه الاضطرابات النفسية.
دراسة ريم عبد المجيد(2020)
عنوان الدراسة:” تداعيات كورونا: هل يقضى الفيروس على العولمة”
إقرأ أيضا:دراسات سابقة على مرض الخرف : 6 دراسات عربية وأجنبيةهدفت الدراسة:
- الكشف عن تداعيات التي أحدثتها أزمة فيروس كورونا على العولمة من النواحي الاجتماعية والاقتصادية.
- التأثير الذي أحدثته أزمة فيروس كورونا على الاقتصادي في العالم بأكمله والذي نتج الأزمة من تراجع ملحوظ في الاقتصاد وقد حدث ذلك نتيجة للإجراءات التي اتبعتها الدول حتى تتمكن من القضاء على انتشار الفيروس.
نتائج الدراسة:
- توقف عدد كبير من الأنشطة الاقتصادية مما أدي إلى بطء حركة النمو في العالم.
- الأضرار الكثيرة التي واجهتها الشركات التجارية التي تتعامل مع الدول الصناعية الكبرى والتي قامت بتعطيل الأنشطة الاقتصادية.
- التكاليف التي زادت في النقل بالرغم من انخفاض التجارة بين الكثير من الدول.
- أن أغلبية الشركات الكبرى تسعى لكي تتمكن من تغيير نمط إنتاجها وذلك من خلال ارتكازها على الإنتاج الوطني المحلي وفي المقابل تستغني عن الإنتاج العالمي، ويعني ذلك أن هذه الشركات سوف تغيير مكان المصانع الخاصة بها من الدول الأخرى إلى وطنها الأصلي ومن ثم يتم لم يصبح هناك توريد.
- أن الإجراءات التي اتخذتها الدول لكي تتمكن من مواجهة فيروس كورونا أثرت بشكل كبير على العولمة الاجتماعية، وذلك من منطلق أن العولمة ترتكز بشكل أساسي على الحرية في تنقل الأفراد والبضائع بين كافة دول العالم مما يجعل العولمة تنتشر بشكل أسرع.
- قام التطور الذي حدث في التكنولوجيا بتعزيز العولمة في العالم وأصبح العالم بأكمله قرية صغيرة لا توجد بيها حواجز، ولكن عندما ظهرت أزمة فيروس كورونا قامت كل دولة بوضع حاجز لها وإغلاق العديد من حدودها ومنعت التنقل خارج الدولة وذلك حتى تتغلب على أزمة فيروس كورونا.
كل ما يجب معرفته عن متحور كورونا الجديد
دراسة حول التأثيرات النفسية في العالم العربي (2021)
عنوان الدراسة: “التداعيات النفسية لجائحة كوفيد-19 على المواطنين في الدول العربية”
هدفت الدراسة:
- تقييم معدلات انتشار أعراض القلق واضطرابات النوم بين المواطنين العرب خلال فترة الإغلاق الكامل.
- دراسة أثر الحجر المنزلي والعزلة الاجتماعية على الصحة النفسية.
الجهة البحثية:
جامعة الملك سعود – قسم علم النفس.
منهج الدراسة:
- المنهج الوصفي التحليلي باستخدام استبيانات إلكترونية.
عينة الدراسة:
- 2200 مشارك من عدة دول عربية، تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عامًا.
نتائج الدراسة:
- أظهرت النتائج أن أكثر من 30% من المواطنين العرب عانوا من أعراض القلق العام واضطرابات النوم أثناء الإغلاق.
- أوضحت النتائج أن الحجر المنزلي والعزلة الاجتماعية كانا من أبرز العوامل المؤدية إلى تدهور الصحة النفسية.
- النساء والفئات العمرية بين 20-30 سنة أظهروا معدلات أعلى من القلق مقارنةً بالفئات الأخرى.
دراسة حول الآثار الاجتماعية في المجتمع العربي (2021)
عنوان الدراسة: “الآثار الاجتماعية لجائحة كورونا: العنف الأسري نموذجًا”
هدف الدراسة:
- تحليل الآثار الاجتماعية لجائحة كورونا مع التركيز على التغيرات في معدلات العنف الأسري خلال فترات الإغلاق.
الجهة البحثية:
- جامعة قطر – مركز البحوث الاجتماعية.
منهج الدراسة:
- المنهج المسحي التحليلي باستخدام استبيانات ومقابلات هاتفية.
عينة الدراسة:
- 1500 أسرة قطرية ومقيمة في دولة قطر.
نتائج الدراسة:
- كشفت الدراسة عن ارتفاع ملحوظ في مؤشرات العنف الأسري بنسبة تصل إلى 25% مقارنةً بما قبل الجائحة.
- أبرزت النتائج أن الضغوط الاقتصادية والنفسية الناتجة عن الإغلاق الطويل وتراجع الأنشطة الاجتماعية كانت من الأسباب الرئيسية لزيادة معدلات العنف المنزلي.
- أكدت الدراسة أهمية وجود برامج دعم نفسي وأسري خلال الأزمات المستقبلية.
التأثيرات النفسية لجائحة كورونا
- القلق والاكتئاب: ازدادت معدلات القلق المرضي والاكتئاب السريري بسبب الخوف من العدوى وفقدان الأحباء والضغوط المالية.
- اضطراب ما بعد الصدمة PTSD: عانى الكثيرون من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة خصوصًا العاملين في القطاع الصحي الذين شهدوا حالات وفاة متكررة.
- العزلة الاجتماعية: أجبر الإغلاق العام الأفراد على العيش في عزلة اجتماعية قسرية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الوحدة والاكتئاب.
التأثيرات الاجتماعية لجائحة كورونا
- ضعف العلاقات الاجتماعية: أدت القيود الصحية إلى تراجع التفاعلات الاجتماعية الواقعية واعتماد الأفراد على وسائل التواصل الاجتماعي كبديل.
- زيادة العنف الأسري: سجلت العديد من الدول العربية ارتفاعًا في حالات العنف المنزلي، نتيجة التوترات والضغوط النفسية أثناء الحجر الصحي.
- تغير أنماط الحياة: تغيّرت أنماط الحياة اليومية بما في ذلك العمل عن بُعد، والدراسة الإلكترونية، وقلة التفاعل الاجتماعي المباشر.
توصيات لمواجهة التأثيرات النفسية والاجتماعية في الأزمات المستقبلية
- دعم برامج الصحة النفسية بشكل أكبر، خاصة أثناء الأزمات الصحية.
- تعزيز دور الإعلام الإيجابي في نشر الوعي وإرشاد الأفراد بطرق التعامل مع الضغوط النفسية.
- تشجيع الحكومات على إطلاق حملات لمساعدة المتضررين نفسيًا واجتماعيًا.
- الاستثمار في مراكز دعم الأزمات وتوفير خدمات نفسية مجانية أو مدعومة.
الخاتمة
أثبتت الدراسات العلمية حول جائحة كورونا في العالم العربي أن الجائحة خلفت آثارًا نفسية واجتماعية عميقة، حيث تأثرت العديد من الفئات الاجتماعية بالاضطرابات النفسية والعنف الأسري نتيجة لتفشي الفيروس والإجراءات الوقائية المتخذة. ومع استمرار الأزمة، فإن هذا النوع من الدراسات يظل محوريًا لفهم التحديات التي تواجهها المجتمعات العربية وكيفية التعامل معها في المستقبل.
أسئلة الشائعة
- ما هي أبرز الاضطرابات النفسية التي ظهرت خلال جائحة كورونا؟
- الاضطرابات الأكثر شيوعًا كانت القلق، الاكتئاب، اضطرابات النوم، والعزلة الاجتماعية.
- كيف أثرت الجائحة على العلاقات الاجتماعية؟
- أدت الجائحة إلى تراجع التواصل الاجتماعي الواقعي، وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا للتواصل.
- هل تأثرت الفئات العمرية المختلفة نفسيًا بنفس الدرجة؟
- لا، الفئات العمرية الأكبر سنًا (الشباب ما بين 20-21 سنة) كانت أكثر عرضة للاضطرابات النفسية مقارنةً بالمراهقين الأصغر سنًا.
- ما هي أهم توصية للتعامل مع الأزمات النفسية الناتجة عن الجوائح؟
- تعزيز الدعم النفسي الاجتماعي للأفراد، وإطلاق حملات توعية حول إدارة القلق والتوتر.
المراجع
- الفقي، آمال إبراهيم، وأبو الفتوح، محمد كمال (2020)، المشكلات النفسية المترتبة على جائحة فيروس كورونا المستجد، المجلة التربوية، العدد 74، جامعة بنها، مصر.
- عبد المجيد، ريم (2020)، تداعيات كورونا: هل يقضى الفيروس على العولمة؟، مجلة آفاق سياسية، المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد 54.
- دراسة حول التأثيرات النفسية في العالم العربي (2021)، جامعة الملك سعود، تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية في السعودية، نشر في مجلة الصحة النفسية العربية.
- دراسة حول الآثار الاجتماعية في المجتمع العربي (2021)، جامعة قطر، دراسة تأثير جائحة كورونا على العنف الأسري في المجتمع العربي، نشر في المجلة الاجتماعية العربية.