هل سبق لك أن لاحظت طفلاً يبدو كأنه يعيش في عالم خاص به، لا يتفاعل مع من حوله ولا يستجيب للأصوات أو الكلمات؟ قد لا يكون ذلك مجرد خجل أو تأخر طبيعي في النمو، بل ربما يكون مؤشراً على اضطراب التوحد. في هذا المقال، نقدم لك دليلاً شاملاً ومبسطاً عن التوحد، أعراضه، أسبابه، طرق تشخيصه، وأساليب العلاج والتعامل معه، لتكون على دراية كافية بهذا الاضطراب الغامض الذي تتزايد أعداد المصابين به حول العالم. تابع القراءة واكتشف كيف يمكن للتدخل المبكر أن يصنع فارقًا في حياة طفل يعاني من التوحد.
المقدمة
مرض التوحد واحدًا من أكثر الاضطرابات النمائية تعقيدًا، حيث يؤثر على نمو الطفل من جوانب متعددة مثل التواصل، والسلوك، واللغة، وحتى التفاعل الاجتماعي. وتظهر أعراض هذا الاضطراب في سن مبكرة، إلا أن عدم وضوح العلامات الجسدية يجعل من الصعب تشخيصه في الوقت المناسب. لذا، جاء هذا البحث ليقدم ملفًا متكاملًا حول مرض التوحد، نستعرض فيه تعريفه، أسبابه المحتملة، أعراضه، طرق اكتشافه المبكر، وأبرز برامج العلاج المتبعة عالميًا، بالإضافة إلى مجموعة من النصائح التي تساعد الأهل على التعامل مع الطفل المصاب بالتوحد بشكل فعّال.
ما هو مرض التوحد؟
تعريف التوحد
هو اضطراب في الجهاز العصبي للإنسان يؤثر على جميع جوانب النمو الممثلة في الجوانب النمائية الآتية وهي العناية بالنفس، والبعد اللغوي، والتواصلي، وكذلك البعد المعرفي، والجانب السلوكي، بالإضافة إلى الجانب الجسدي، وأخيراً الجانب الأكاديمي، والاجتماعي، والجانب الحسي، والبعد الصحي، ويتجلى هذا الاضطراب في صورة قصور في السلوك في الجوانب السابق الإشارة إليها.
إقرأ أيضا:المخدرات : الأنواع، الأضرار، وسبل الوقايةيلاحظ هذا الاضطراب منذ الولادة وحتى الوصول إلى سن الثالثة، وليس هناك سبب محدد وراء الإصابة بهذا الاضطراب، كذلك ليس هناك علاج نهائي له، وقد يحدث في بعض الحالات أن يمتلك الأطفال المصابين بهذا الاضطراب بقدرات وإمكانيات خاصة في عدد من النواحي والجوانب، والتدخل في مرحلة مبكرة من أفضل أساليب وطرق تحسين وضع الطفل.
تاريخ التوحد
تم اكتشاف هذا الاضطراب مؤخر، ويعرف عن الطلبة ذوي الصعوبات العقلية والنمائية لأكثر من قرن، وأول من جعل التوحد ضمن اهتماماتنا هو الطبيب النفسي (ليو كانر) عام ١٩٤٣ قام بوصف مجموعة من الأطفال الذين ليس لهم علاقة بالأخرين ويظهرون تأخر في النمو اللغوي وينشغلون في سلوكيات نمطية متكررة، وينزعجون من تغيير الروتين.
أسباب التوحد
عوامل جينية:
اضطراب الكرموسوم السابع، وهذا الكرموسوم يعمل علي:
- النطق والكلام.
- الانفعالات والتعابير الخاصة بالوجه.
- يساعد على تنظيم خلايا الدماغ خلال تطور الجنين.
عوامل عضوية:
مرض التوحد ناتج من تفاعلات عضوية من أهمها:
- تعرض المرأة الحامل لبعض الحالات المرضية.
- صعوبة الولادة.
- نقص الأكسجين.
- تعرض الطفل إلي ملوثات بيئة.
- الالتهابات والفيروسات.
- اخذ الطفل إلي المضادات الحيوية بكثرة.
- تناول الأم إلى العقاقير أثناء الحمل.
- تعرض الأم الحامل للفيروسات أثناء الحمل.
- تعرض الطفل إلي الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية.
عوامل غذائية
تسبب بعض الأغذية الحساسية التي تشكل أسباب ظهور التوحد وهي:
إقرأ أيضا:دور الرياضيات في الزكاة : تعرف على علاقة علم الرياضيات بحساب نسبة الزكاة- ترسب مواد الزئبق والرصاص والزنك.
- الخلل الوظيفي في جهاز الكبد.
- عدم توازن الكيمياء الحيوية في الجسم.
مرض الخرف وطرق علاجه والوقاية منه بالتفصيل
أعراض مرض التوحد
- القصور في عملية التواصل الاجتماعي.
- البرود العاطفي الشديد، حيث يرفض الطفل العناق وإظهار مشاعر العطف.
- ضعف الاستجابة للمثيرات الخارجية، حيث يكون الطفل عاجز عن استجابة إلى أي أصوات بجانبه.
- ضعف استخدام اللغة والتواصل مع الأخرين، حيث يعاني الطفل من ضعف في استخدام اللغة والتواصل بالكلام مع الأخرين.
- إيذاء الذات، حيث يثور الطفل ويتصرف بشكل عدواني نحو فرد أو عدد من الأفراد.
- الانشغال المرضي بموضوعات معينة، حيث ينهمك الطفل بالاهتمام باي شيء حتى وان كان قطعة صغيرة من حجر.
- الشعور بالقلق الحاد، حيث يقلق الطفل التوحدي من تغيير روتين يومه.
- القصور في أداء بعض المهارات العقلية، حيث يبدو على الطفل القصور في كثير من الأنماط السلوكية التي يستطيع أدوؤها أي طفل عادي.
الاكتشاف المبكر لمرض التوحد
- عدم محاولة الطفل تحريك جسمه أو اخذ الوضع الذي يدل على رغبته أو اخذ الوضع الذي يدل على رغبته في أن يحمل.
- تصلب الطفل عندما يحمل ومحاولة الإفلات.
- يبدو كما لو انه أصم لا يسمع فهو لا يستجيب لذكر اسمه أو لأي من الأصوات حوله.
- فشل الطفل في التقليد كباقي الأطفال في المرحلة العمرية نفسها.
- قصور أو التوقف في نمو القدرة اللغوية وغير اللغوي.
الفريق الطبي المختص بمرض التوحد
يعمل مع الطفل المصاب بالتوحد فريق متعدد التخصصات، يتضمن:
إقرأ أيضا:فيروس كورونا (كوفيد-19): تاريخ ظهوره، أعراضه، وطرق الوقاية منه- طبيب نفسي للأطفال أو طبيب أعصاب.
- أخصائي تخاطب وسمع.
- معالجون سلوكيون وتأهيليون.
علاج التوحد
إن التدخل السريع والمكثف للعلاج قد يكون له نتائج جيدة في حال تضافر جهود الأسرة والفريق الطبي والمدرسة التأهيلية، ويلجا إلى استعمال العقاقير الطبية للتخفيف من بعض الأعراض المحددة المرافقة للانفصال التوحدي، والتي تشمل إيذاء الذات والسلوك العدواني والنشاط الزائد والاكتئاب والسلوك القهري، لذا يتم عمل برامج علاجية عالميا تتبع على أطفال التوحد كعلاج للسلوكيات وتفعيل المهارات وهي:
-
برنامج لوفاس
وهو يستخدم فيه مبدا إثارة السلوك عن طريق مؤثر ما أو سلوك هذا البرنامج يعتمد على الاستجابة الشرطية فكل استجابة مقابلها شرط وهنا يعتمد تحقيق الشرط عن طريق المكافئة، فكل سلوك مرغوب يكافئ عليه وتبدأ المكافأة من الشكل المادي وتتدرج إلى الشكل المعنوي.
-
برنامج تيتش
وهي طريقة تعليمية شاملة تقدم تأهيلا متكاملا للطفل في اللغو والسلوك وحسب احتياجات كل طفل (3 سنوات ولغاية 18 سنة) يعتمد على تنمية نقاط القوة في السلوك وتنمية المهارات ولاسيما تلك التي تنطق بمهارات العمل.
-
برنامج فاست فورد
يستخدم جهاز الحاسوب لغرض تقوية وتحسين المستوى اللغوي للأطفال، وطريقة العمل على هذا البرامج أن يضع الطفل سماعة على أذنيه وان يكون مفاتيح الحاسوب وقرب سطح الحاسوب.
نصائح وإرشادات للتعامل مع مرض التوحد
- يجب على الأسر معرفة أعراض مرض التوحد، حتى يستطيعوا الوقوف في مرحلة مبكرة على هذا المرض، وبالتالي يستفيدوا من التدخل المبكر.
- ضرورة إجراء دراسة مفصلة حول الأسباب والعوامل التي قد تساهم بشكل أو بآخر في الإصابة بمرض التوحد، وعرض أحدث ما توصل إليه العلماء والباحثين في هذا المجال.
- أهمية التواصل مع المتخصصين في هذا المجال، مع العلم أن الأخصائي الاجتماعي والنفسي لهم دور كبير في هذا الأمر.
- توفير بيئة داعمة ومناسبة لطفل التوحد.
- التحلي بالصبر والتفهم واتباع استراتيجيات إيجابية للتعامل.
خاتمة
مرض التوحد لا يعني نهاية المطاف، بل بداية رحلة جديدة تتطلب وعيًا وتفهمًا من الأسرة والمجتمع. كلما كان الاكتشاف مبكرًا والتعامل مناسبًا، زادت فرص الطفل في الاندماج وتطوير مهاراته. نأمل أن يكون هذا البحث قد ألقى الضوء على كل ما تحتاج لمعرفته حول مرض التوحد.
أسئلة شائعة عن مرض التوحد
ما هو مرض التوحد؟
التوحد هو اضطراب نمائي عصبي يؤثر على تطور مهارات التواصل والسلوك والتفاعل الاجتماعي عند الطفل، وتظهر أعراضه عادة خلال السنوات الثلاث الأولى من العمر.
كيف أعرف أن طفلي مصاب بالتوحد؟
قد تلاحظ على الطفل ضعفًا في التواصل البصري، تأخرًا في النطق والكلام، عدم الاستجابة لاسمه، أو انشغالًا متكررًا بحركات نمطية وأشياء معينة. التشخيص النهائي يتم عبر تقييم متخصص.
ما أسباب التوحد عند الأطفال؟
تتعدد الأسباب وتشمل عوامل جينية، واضطرابات في الجهاز العصبي، ومؤثرات بيئية أو عضوية خلال فترة الحمل أو الولادة، مثل نقص الأكسجين أو الإصابة ببعض الفيروسات.
هل يمكن علاج مرض التوحد؟
لا يوجد علاج نهائي للتوحد، لكن التدخل المبكر من خلال برامج سلوكية وتربوية خاصة، بالإضافة إلى الدعم الأسري، يمكن أن يُحدث فارقًا كبيرًا في تطور الطفل وتحسين حالته.
في أي عمر تظهر علامات التوحد؟
تبدأ علامات التوحد بالظهور عادة قبل سن الثالثة، وقد تبدأ بعض الأعراض حتى في عمر 6 أشهر، لكنها تتضح أكثر مع التقدم في العمر.
هل يمكن أن يشفى الطفل من التوحد تمامًا؟
في الغالب، لا يُشفى الطفل من التوحد بشكل تام، لكنه قد يحرز تقدمًا كبيرًا في المهارات والسلوكيات من خلال العلاج المبكر والدعم المتواصل.
هل الطفل التوحدي ذكي؟
الذكاء لدى الأطفال المصابين بالتوحد يختلف من حالة لأخرى. بعضهم يعانون من تأخر عقلي، بينما يتمتع آخرون بقدرات ذهنية استثنائية في مجالات محددة مثل الرياضيات أو الموسيقى.
ما الفرق بين التوحد وتأخر الكلام؟
التأخر اللغوي قد يكون أحد أعراض التوحد، لكن الطفل المصاب بالتأخر اللغوي فقط يتفاعل اجتماعيًا ويستجيب للمحيط، بينما الطفل التوحدي يظهر صعوبات في التفاعل والتواصل بجميع أشكاله.
هل يوجد تحليل أو اختبار للكشف عن التوحد؟
لا يوجد تحليل دم أو أشعة خاصة بالتوحد، لكن التشخيص يتم من خلال تقييم سريري شامل يشمل الملاحظة والسلوك واختبارات تطورية ولغوية ونمائية.
وفي نهاية بحث التوحد أرجو أن أكون وفيت كل العناصر المطلوبة لهذا البحث، ووضحت بعض المعلومات التي كانت مجهولة، وأتمني أن تكونوا استفتوا من هذا البحث.
المراجع
- عبد القادر، رسمية سعيد (2005). اضطراب التوحد المفاهيم الأساسية وطرق التدخل، قسم علم النفس والإرشاد، كلية العلوم التربوية، جامعة النجاح الوطنية_ فلسلطين
- عرفات، فضيلة (2011). اضطراب التوحد: مفهومه، أسبابه، أعراضه، علاجه. مؤسسة النور للثقافة والإعلام.
- الخالدي، إحسان غديفان السريع (2006) التوحد، رسالة المعلم، وزارة التربية والتعليم -إدارة التخطيط والبحث التربوي
- حامد، نوال عبد العزيز (2016) الأسباب الوراثية للذاتوية، المجلة العربية لدراسات وبحوث العلوم التربوية والإنسانية، (ص 229-230)
- النوبي، محمد (2018) تشخيص التوحد، المجلة الدولية للعلوم التربوية والنفسية
- الظاهر، قحطان أحمد(2006) العوامل المسببة للتوحد كما يدركها المختصون، مجلة اتحاد الجامعات العربية للتربية وعلم النفس.
- فراج، عثمان لبيب (1999) ما التوحد؟ مجلة خطوة، المجلس العربي للطفولة والتنمية-السعودية.