هل تساءلت يومًا لماذا بعض الطلاب رغم امتلاكهم قدرات عقلية عالية لا يحققون النجاح الأكاديمي المتوقع؟ في المقابل، هناك من ينجح ويتفوق رغم إمكانياته المتواضعة! السر قد لا يكمن في الذكاء العقلي فقط، بل في الذكاء الانفعالي، هذا العامل الخفي الذي يصنع فارقًا حقيقيًا في حياة الطلاب!
المقدمة
الذكاء الانفعالي والتحصيل الدراسي هي دراسات قمت لتوضيح الذكاء الانفعالي وعلاقته بالطلاب، حيث أن الوصول للنجاح يبدا بالقدرة العقلية، ولكنه لا يكفي وحده لتحقيق التفوق والتمييز، ولهذا لابد من وجود الكفاءة الانفعالية أيضا لضمان الاستفادة من قدراتنا العقلية والمعرفية إلى اقصى درجة ممكنة.
فلقد أصبح من المؤكد في الأوساط التربوية والنفسية أن الذكاء العقلي وحده لا يكفي لتحقيق التفوق الأكاديمي. فإدارة المشاعر، وضبط النفس، والقدرة على التفاعل مع الضغوط النفسية والاجتماعية، كلها عناصر تلعب دورًا مهمًا في تشكيل الأداء الدراسي للطالب.
في هذا المقال، نقدم مراجعة دقيقة وموسعة لأهم الدراسات السابقة التي تناولت الذكاء الانفعالي وعلاقته بـ التحصيل الدراسي لدى الطلاب المتفوقين والعاديين، مع عرض تحليلي للنتائج، ومعلومات جديدة تدعم الموضوع، بالإضافة إلى إجابات عن أكثر الأسئلة الشائعة التي تدور في ذهن القارئ.
الذكاء الانفعالي والتحصيل الدراسي
-
ما هو الذكاء الانفعالي؟
- هو القدرة على إدراك المشاعر، وفهمها، وتنظيمها، واستخدامها بطريقة فعالة في المواقف الحياتية. يتضمن:
- الوعي الذاتي
- التنظيم الذاتي
- التعاطف
- المهارات الاجتماعية
- الدافعية الذاتية
-
لماذا الذكاء الانفعالي مهم في البيئة الدراسية؟
- يساعد الطالب على التعامل مع القلق أثناء الاختبارات.
- يعزز العلاقات الاجتماعية مع الزملاء والمعلمين.
- يزيد من الدافعية والالتزام بالمهام الدراسية.
- يقلل من فرص التسرب الدراسي أو الفشل الأكاديمي.
-
كيف يمكن للمدرسة أن تعزز الذكاء الانفعالي؟
- إدراج برامج تدريب على المهارات الحياتية والذكاء العاطفي.
- تشجيع الحوار والتعبير عن المشاعر بطريقة صحية.
- تطوير بيئة صفية آمنة نفسيًا.
دراسات سابقة عن الذكاء الانفعالي وعلاقته بالتحصيل الدراسي
1-دراسة مايير وآخرون (Mayer , et al. 1990)
- استهدفت تعريف الذكاء الانفعالي وفحص مكوناته، ودراسة قدرة الطلاب على التعرف على المستوى الانفعالي للمثيرات البصرية، والكشف عن علاقة الذكاء الانفعالي بالتحصيل الدراسي للطلاب.
- وتم ذلك بتطبيق مقياس الذكاء الانفعالي على عينة مكونة من (139) طالباً جامعياً، طلب منهم تقدير حالتهم الانفعالية بعد مشاهدتهم لفيلم سار وآخر غير سار.
- وأسفرت الدراسة عن أن الطلاب مرتفعي الذكاء الانفعالي كانوا أكثر دقة في تقدير حالتهم الانفعالية كما كان تحصيلهم الدراسي مرتفعاً عن ذوي الذكاء الانفعالي المنخفض.
2-دراسة نيوسام وكاتانو (Newsame ,S;Day.AL.& Catan , V.M, 2000)
هدفت الدراسة إلي:
- الكشف عن العلاقة بين الذكاء الانفعالي وكل من القدرة المعرفية والتحصيل الدراسي، وتكونت عينة الدراسة من (62) طالباً، و(118) طالبة من الدراسة الجامعية طبقت:
أ-قائمة الذكاء الانفعالي إعداد بار-أون.
ب-اختبار القدرة المعرفية إعداد وندرليك (Wonderlik).
أشارت النتائج إلى:
- أنه توجد معاملات ارتباط ضعيفة بين الذكاء الانفعالي وكل من القدرة المعرفية مقداره ( 0,08 )، والتحصيل الدراسي مقداره( 0,01 ).
- وهما غير دالين إحصائياً، مما يؤكد عدم وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين الذكاء الانفعالي وكل من القدرة المعرفية والتحصيل الدراسي.
3-دراسة فوقية (2001)
هدفت الدراسة إلي:
إقرأ أيضا:دراسات عن التعليم عن بعد | دراسات عربية من 2012 إلى 2016- فحص العلاقة بين الذكاء الانفعالي والتحصيل الدراسي، والقدرة على التفكير الابتكاري لدى (289) طالباً وطالبة من الطلبة الجامعيين، بتطبيقها لمقاييس لهذه المتغيرات الثلاثة:
أ-اختبار الذكاء الانفعالي.
ب-اختبار القدرة على التفكير الابتكاري.
وتوصلت النتائج إلي:
- توجد فروق دالة إحصائياً بين الذكور والإناث عند مستوى (0,05) لصالح الإناث في الذكاء الانفعالي وأبعاده المختلفة.
- توجد فروق دالة إحصائياً عند مستوى (0, 05) بين مرتفعي ومنخفضي الذكاء الانفعالي في متغيري التحصيل الدراسي والتفكير الابتكاري لدى كل من عينة الذكور وعينة الإناث.
- وجود علاقة ارتباطية دالة عند مستوى (0, 01) بين الذكاء الانفعالي والتحصيل الدراسي لدى أفراد العينة.
معلومات مهمة عن الذكاء الانفعالي وأهميته في حياتنا
4-دراسة مارثا وجورج (2001 Martha &George)
هدفت الدراسة إلى:
- استهدفت الكشف عن أثر الجنس والتحصيل الدراسي والعرق في الذكاء الانفعالي لدى (319) طالباً وطالبة من مدرسة إعدادية في مدينة المكسيك. وتم استخدام قائمة جرد تدعى قائمة جرد الذكاء الانفعالي المعددلة– Stuck, ) Burry Tapia & 1998): لقياس أربعة أبعاد للذكاء الانفعالي(التعاطف، وإدارة المشاعر، تدبير العلاقات والانخراط بها، ضبط النفس). وأشارت النتائج:
توصلت النتائج إلى:
إقرأ أيضا:دراسات عن التعليم عن بعد | دراسات عربية من 2012 إلى 2016- دلت البيانات الإحصائية على وجود أثر ضعيف لمتغيري الجنس والتحصيل الدراسي في أبعاد الذكاء الانفعالي (تدبر العلاقات والانخراط بها، ضبط النفس، التعاطف وإدارة المشاعر).
- وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث في كل من تدبير العلاقات والانخراط بها والتحصيل الدراسي، وذلك لصالح الذكور.
- وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث في كل من ضبط النفس والتحصيل الدراسي لصالح الإناث.
5-دراسة كلاهان وآخرون (2004 .Callahan et al)
هدفت الدراسة إلي:
- الكشف عن الخصائص الاجتماعية والانفعالية عند الموهوبين المراهقين، وأثر الجنس والتحصيل الدراسي والعرق في النمو الاجتماعي والانفعالي لديهم.
- تكونت عينة الدراسة من (457 ) مراهقاً موهوباً. ودراسة معمقة لإحدى الأسر في محاولتها للتعامل مع القضايا ذات العلاقة بالنمو الاجتماعي والانفعالي لموهوب مراهق ذكر.
توصلت النتائج إلي:
- ظهور ضعف في مهارة التكيف لدى الموهوبين، وأوصت الدراسة أن على الأهل والمدارس مراعاة آليات التكيف لمساعدة الأطفال الموهوبين والمراهقين لتنمية مهارات التكيف الاجتماعي والانفعالي.
6-دراسة غادة الجندي(2006)
هدفت الدراسة إلى:
- التعرف على الفروق في الذكاء الانفعالي بين الطلبة الموهوبين والعاديين وعلاقته بالتحصيل الأكاديمي
- وتكونت العينة ( 420 ) طالباً وطالبة تراوحت أعمارهم بين17-15سنة حيث طبقت مقياس بار- أون للذكاء الانفعالي
كشفت النتائج عن:
- توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (0, 05) بين متوسطات استجابات الطلبة الموهوبين ومتوسطات استجابات الطلبة العاديين على بعدي الكفاءة الشخصية وإدارة الضغوط والعلاقة الكلية لمجموع الأبعاد الأربعة الأولى وبعدي المزاج العام والانطباع الإيجابي، وذلك لصالح الطلبة الموهوبين.
- حدد انه لا توجد علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين درجات أبعاد الذكاء الانفعالي ومعدل علامات التحصيل الدراسي لجميع أفراد عينة الطلبة الموهوبين باستثناء بعد إدارة الضغوط.
- تحدد انه لا توجد علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين درجات أبعاد الذكاء الانفعالي ومعدل علامات التحصيل الدراسي للطلبة الموهوبين الذكور باستثناء بعد إدارة الضغوط والمزاج العام.
- لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين درجات أبعاد الذكاء الانفعالي ومعدل علامات التحصيل الدراسي للطلبة الموهوبين من الإناث.
الأسئلة الشائعة
- هل يمكن تعلم الذكاء الانفعالي أم أنه فطري؟
- يمكن تعلّمه وتطويره من خلال التدريب والممارسة، خاصة في مراحل الطفولة والمراهقة.
- ما الفرق بين الذكاء العقلي والذكاء الانفعالي؟
- الذكاء العقلي (IQ) يتعلق بالقدرات المعرفية مثل التحليل والاستنتاج، أما الذكاء الانفعالي (EQ) فيرتبط بالقدرة على فهم المشاعر وإدارتها.
- هل الذكاء الانفعالي يؤثر فعلًا على الدرجات؟
- أظهرت دراسات أن الطلاب ذوي الذكاء الانفعالي المرتفع يتمتعون بقدرة أعلى على التركيز والتعامل مع التوتر، مما يعزز فرصهم في تحقيق نتائج دراسية أفضل.
- هل الذكاء الانفعالي مفيد فقط في الدراسة؟
- لا، بل هو ضروري في جميع مجالات الحياة: العمل، العلاقات، الصحة النفسية، واتخاذ القرارات.
الخاتمة
تشير هذه الدراسات إلى أن الذكاء الانفعالي يلعب دورًا مهمًا – وإن لم يكن دائمًا مباشرًا – في تحديد مستوى التحصيل الدراسي للطلاب. وقد أظهرت الفروق بين الطلاب المتفوقين والعاديين، وكذلك بين الجنسين، أهمية فهم هذا الجانب النفسي وتفعيله داخل المؤسسات التعليمية.
إن الاستثمار في تنمية الذكاء الانفعالي لدى الطلاب لا يقل أهمية عن تعزيز قدراتهم المعرفية، بل قد يكون هو المفتاح لتفعيل تلك القدرات والوصول إلى أقصى طاقاتهم الأكاديمية.
المراجع
- Mayer, J.D. Dipalo, M.,& Salovey, P. (1990) Perceiving affective content in ambiguous visual stimuli: a component of emotional intelligence. Journal of personalty assessment, N54
- Newsame, S. Day, A, L& Catano, V.M(2000) Assessing the predictive validity of emotional intelligence. Personality and individu differences.N29. pp 1005-1016.
- راضي، فوقية محمد محمد(2001) الذكاء الانفعالي وعلاقته بالتحصيل الدراسي والقدرة على التفكير الابتكاري لدي طلاب الجامعة، مجلة كلية التربية المنصورة، العدد 45.
- Marttha, T.& George, M.(2001). Emotional intelligence: the effect of gender, GPA, ethnicity. Paper presented at the Annual Meeting of the Mid- South Educational research Association. Mexico city
- Callahan, C, & Sowa, C. & May, K., Tomchin, E., Plucker, J., Cunningham, C, & Taylor, W (2004). Social and. Emotional Development of Gifted Students
- الجندي، غادة مظهر (2006) الفروق في الذكاء الانفعالي بين الطلبة الموهوبين والطلبة العاديين وعلاقتهم بالتحصيل الأكاديمي. رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة عمان العربية للدراسات العليا، كلية الدراسات التربوية العليا، عمان.
